القول المبين فى تحريم التدخين.

الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعلمين ، محمد بن عبد الله الرسول الأمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله
وبعد
أخي المسلم يا من ابتلي بمرض التدخين ، والله إني لك ناصح أمين ، فاستسلم لأمر الله ورسوله واترك هذه العادة القبيحة .
أخي المدخن هل علمت أن أكبر نسبة مدخنين في العالم هي في العالم العربي ، وأن أكبر نسبة مدخنين في العالم العربي في مصر ، وأن أكبر نسبة مدخنين في مصر من المسلمين ؟ ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
هل علمت أن التبغ ـ الذي يصنع منه السجائر ينقع في الخمر ثلاثة شهور؟ .
هل علمت أن المصريين يحرقون ـ كما ذكرت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها ـ 40 مليار سيجارة سنويًا ؟
هل علمت أن 599 مادة تضاف إلى التبغ لصناعة السجائر منها 99 مادة سامة؟ .
هل علمت أن ملكة إنجلترا أعطت كأس الإنتاج لشركة سجاير لأنها تضع في السجاير التي يصدرونها لبلاد المسلمين خمسة أضعاف من النيكوتين ؟ .
هل علمت أن مقاصد الشريعة الإسلامية خمسة هي : حفظ الدين والنفس والعقل والمال والعرض . والمدخن يضيعها ؟ .
وبعد هذا المدخل ندخل في أصل الموضوع والذي نتناوله من خلال أربعة عناصر هي :
أولاً : حكم الإسلام في التدخين .
ثانيًا : أضرار التدخين
تالثآ : الأضرار الدينية
ثالثًا : أقوال وفتاوى العلماء في التدخين
رابعًا : نصائح مهمة .
أولاً حكم الإسلام في التدخين :
الحقيقة المعلومة أن التدخين لم يكن موجودًا في عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ولا في عهد الصحابة ، ولا في عهد التابعين ولا تابعيهم ، وإنما لم يعرف إلا في العصور المتأخرة ، لذا فإني أتعجب ممن يتبجح إذا كلمته أن التدخين حرام قال لك هات لي آية أو حديث يقول أن التدخين حرام وهذا من الجهل بقواعد الشريعة ؛ لأنه ليس كل محرم نُص عليه باسمه في القرآن والسنة ، لكن هناك قواعد تطبق في الحكم على أي أمر من الأمور هل هو حلال أم لا ؟ من خلال نصوص عامة تحرم كل ضار بالجسم ، أو مؤذٍ للغير ، أو متلف للمال . ومن هذا المنطلق نستطيع أن نذكر أدلة من القرآن والسنة تشير إلى تحريم التدخين .
أولاً : أدلة القرآن الكريم .
** قال تعالى : " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة .... " [ البقرة 195 ] والدخان
يوقع الإنسان في الأمراض المهلكة ـ كما سيأتي ـ إن شاء الله .
** قال تعالى : " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليه الخبائث .... " [ الأعراف 157 ]
** قال تعالى : " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا " [ النساء 29 ]
** قال تعالى : " ولا تبذر تبذيرًا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورًا " [ الإسراء 27 ] . وإنفاق المال في التدخين من التبذير . قال مجاهد : لو أنفق إنسان ماله كله في الحق ما كان تبذيرًا ، ولو أنفق منه مدًا في باطل كان تبذيرًا " اهـ . إننا لو رأينا رجلاً أخذ عشرة جنيهات وأشعل فيها النار لقلنا إنه مجنون ، والله إن الذي يشعل النار فيها أهون من الذي يشتري بها الدخان ؛ لأن الأول فقدها والآخر فقدها وفقد معها صحته وآذى غيره .
** قال تعالى : " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانًا وإثمًا مبينًا " [ الأحزاب 58 ] . ولا شك أن المدخن يؤذي المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد وقع في هذا الإثم المبين . والآيات في ذلك كثيرة .
ثانيًا : أدلة السنة المطهرة :
** روى أحمد وابن ماجه وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ضرر ولا ضرار " . والدخان يضر المدخن ويضر غيره .
** روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا ، ومن شرب سمًا فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا ، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا " والمدخن يشرب السم فهو يقتل به نفسه ، وقد مربنا في المقدمة أن الدخان فيه 99 مادة سامة .
** روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير " وأصدق وصف ينطبق على المدخن أنه نافخ الكير. والأحاديث كثيرة وكفى ما ذكرت
ثانيًا : أضرار التدخين :
[1] الأضرارالدينية والأخلاقية
قد علمنا بما لا يدع مجالاً للشك أن التدخين حرام شرعًا ، وبالتالي فهذا المدخن قد ارتكب معصية ، وليس ذلك فقط بل هو من المجاهرين بالمعصية ؛ لأنه يفعلها أمام الناس والنبي ـ صلى الله عليه وسلم يقول : " كل أمتي معافى إلا المجاهرين " ، أيضًا فإن المدخن تثقل عليه العبادات التي فرضها الله عليه وخصوصًا الصيام فأكثر الناس يشق عليهم الصيام هم المدخنون ، وبالتالي يكرهونه . وقد يسرق ليشتري الدخان ، وقد يذل نفسه من أجل سيجارة وهذا نراه بأعيننا من كثير من المدخنين .
[2] الأضرار الصحية :

التدخين خطر على الصحة فيسبب سرطان الحنجرة والرئة ، والسكتة القلبية ، والسل ، وقرحة المعدة ، والذبحة الصدرية ، وسرطان البنكرياس ،وسرطان اللسان ، وسرطان البلعوم ، ويتسبب في موت خلايا العصب البصري مما يؤدي إلى العمى ، ويسبب الأرق ، وضعف الذاكرة ، والضعف الجنسي ، وغير ذلك من الأمراض الخطيرة التي ذكرها أهل الطب .
[3] الأضرار المالية :
علمنا أن إنفاق المال في شراء الدخان ضياع للمال ، ويؤدي إلى استهلاك كميات كبيرة من العلاج ، وكذلك يؤدي إلى استهلاك كميات كبيرة من الوقود والطاقة ، بالإضافة إلى الحرائق الكثيرة الناتجة عن إلقاء أعقاب السجائر ، وأخطر من هذا كله إهدار طاقات الشباب بسبب التدخين مما أثر على ضعف الإنتاج .
ثالثآ : الأضرار الدينية :
1 – يثقل عن العبادة .
2 – يبعد العبد عن فعل المأمورات ، ويحثه ويجرئه على ارتكاب المنهيات .
3 – يدعو إلى مخالطة الأراذل من الناس .
4 – يزهد في مجالسه الأخيار .
5 – يكون العبد مألفاً للأشرار ، مبتعداً عن الأخيار .
6 – يتصف صاحبه بالصفات القبيحة .
7 – عنوان على سقوط الأخلاق .
أقبل على ربك بقلب خاشع منيب ، لعله سبحانه أن يقبلك مع التائبين .
كانت تلك جملاً من بعض أضرار التدخين ، نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعين المدخنين على ترك هذه العادة المحرمة الدخيلة على بلاد المسلمين .
ثالثا : أقوال وفتاوى العلماء في التدخين :

** قال الشيخ العلامة ناصر السعدي ـ رحمه الله ـ : أما الدخان شربه والاتجار به والإعانة على ذلك فهو حرام لا يحل لمسلم تعاطيه شربًا واتجارًا ، وعلى كل من يتعاطاه أن يتوب إلى الله توبة نصوحًا " اهـ
** قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ : " شرب الدخان محرم ، وكذلك بيعه وشراؤه ، وتأجير المحلات لمن يبيعه ؛ لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان .... إلى أن قال : ولم يقل بحل الدخان أحد من العلماء المعتبرين إلا أن يكون جاهلاً بحقيقته وأضراره أو مبتلى بشربه ..... " اهـ
** قال الشيخ عبد الله بن جبرين ـ حفظه الله ـ : " .... وبهذه النظرة العامة يتضح لك أن استعمال الدخان شربًا أو مضغًا أو نشوقًا أو نحوه محرم وممنوع ، فلا يباح بحال من الأحوال " اهـ
** أفتت اللجنة الدائمة : " شرب الدخان حرام لكثرة ضرره ، ولكون إنفاق الأموال فيه إسرافًا ، وقد نهى الله عن الإسراف ، ولكونه خبيثًا ، فينطبق عليه قوله تعالى : " ويحرم عليهم الخبائث " وبناء على ذلك فالاتجار فيه حرام ، والكسب من ذلك حرام ، وإنتاجه زراعة وصناعة حرام " اهـ .
رابعًا : نصائح مهمة :
[1] ابتعد قدر الإمكان عن المدخنين وعن مجالسهم .
[2] قلل من شرب المنبهات كالقهوة والشاي .
[3] استعمل السواك إذا تاقت نفسك للتدخين .
[4] قبل أن تشتري الدخان وتشربه فكر في أنه حرام وأنه خبيث ، وأنه ضار ومتلف للمال والصحة ، وفوق ذلك قد يكون سببًا في دخولك النار أعيذك بالله من ذلك .
[5] الوقاية خير من العلاج فلا تبدأ به ، واعتذر عن قبوله .
[6] لا تقدمه في الأعياد والزيارات والأفراح ، فتؤذي ضيوفك وتخالف دينك .
[7] استعن بالله في ترك التدخين فمن استعان به أعانه
ادع الله في كل وقت أن يجنبك إياه .
[9] تناول بعض الأدوية التي تساعدك على تركه مثل ( لوبيدان ـ الأناباسين )
** الخاتمة ** :
أخي المسلم ـ أخي المدخن ـ هل بعد كل هذا الذي قرأته من الأدلة من القرآن والسنة الصحيحة ، وبعد ما تحققت منه من أضرار التدخين الدينية والأخلاقية ، والصحية ، والمالية ، وبعد ما قرأته من أقوال العلماء ، أفبعد هذا تكابر وتقول الدخان ليس حرامًا ، وإذا كنت قد اقتنعت أنه حرام ـ وأنا على يقين من أنك قد اقتنعت أنه حرام ـ فكيف تصر على تناول الحرام ؟ !! فلعلك تقول : أنا أعرف أنه حرام ولكني لا أستطيع أن أتركه ، فأنا أقول لك بل أنت تستطيع تركه بدليل أنك تتركه في نهار رمضان ، وإذا قال لك الطبيب لا بد أن تتركه فإنك تتركه لكن سرعان ماتعود إليه إذا ذهب عنك المرض ، ولكنك مستسلم لهواك ولنفسك الأمارة بالسوء ولقرناء السوء ، وإني أدعو الله من قلبي أن ينجيك من هذا البلاء